ما هو دور المرأة في حياة الأسرة والمجتمع؟
في الحقيقة، يعتبر التوازن بين الأمومة والعمل تحديًا كبيرًا تواجهه المرأة، التي تعد الركيزة الأساسية لبناء أسرةٍ ومجتمعٍ قوي ومستقر. الأمومة ليست مسؤولية محدودة داخل البيت فحسب، بل هي الأساس لبناء جيل جديد. لتوضيح أكثر، ووِفْق استطلاعات رأي، تُعد الأمومة واحدة من أصعب المهن في العالم. بسبب الجهد البدني والعاطفي الذي تتطلبه تربية الأطفال. حيث أظهرت الدراسات أن الغالبية العظمى من الأمهات يعتبرن الأمومة من أصعب المهام وأكثرها تحديًا، لما تتطلبه من توازن بين العناية المستمرة بالأطفال وإدارة المنزل، بالإضافة أيضا إلى التحديات النفسية والجسدية 🙁 . فالأم تعمل على مدار اليوم ولساعات طويلة، وغالبًا دون راحة أو إجازات. على سبيل المثال، الام تلعب دور المعلّمة، والطباخة، والممرضة، والمنظفة التي تحافظ على البيت مرتبًا. ودعونا لا ننسى انها تقوم بكل هذه المهام دون الحصول على مقابل مادي. (ارسليها لزوجك الحبيب حتى يعرف تضحياتك الجسام ).
الجمع بين المهام الأسرية والمنزلية غالبًا ما يؤدي إلى إرهاق نفسي وجسدي. وخلال قراءتي لكتاب “فهم الأمراض النفسية منطقيا” لكاتبه دين برنيت، استوقفتني في بداية الكتاب حقيقة مؤلمة مبنية على احصائيات علمية، تفيد أن الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب تصيب النساء أكثر بكثير من الرجال. وربما لما أسلفنا من قبل، علاقة وطيدة بهذه المعطيات المقلقة.
ورغم هذه التحديات، تستمر الأمهات في العطاء بلا تردد، مدفوعات بالحب العميق لصغارهن والرغبة القوية في الحفاظ على التوازن الأسري. وعلى الرغم من الجهود الهائلة التي تتطلبها الأمومة، سواء في رعاية الأطفال وتربيتهم، وكذلك في تلبية احتياجاتهم النفسية والجسدية. من خلال هذه الجهود المتواصلة، لا تقتصر الأم على تلبية الاحتياجات اليومية فحسب، بل تساهم أيضًا في بناء شخصية أبنائها بشكل فعال، مما يساعدهم على النمو ليصبحوا أفرادًا مسؤولين في المجتمع وقادرين على مواجهة تحديات الحياة بثقة ونجاح.
المرأة العاملة: مساهمة وتحديات
على المستوى العالمي، وفقًا لتقارير منظمة العمل الدولية، تساهم النساء العاملات بشكل ملحوظ في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي. ولكن تختلف نسب مشاركة المرأة في سوق العمل حسب المناطق والدول والعادات والتقاليد. على سبيل المثال، في الدول الاسكندنافية، مثل السويد والنرويج، ودول آسيا الشرقية مثل اليابان و كوريا الجنوبية، تحظى النساء بفرص أكبر في التعليم والعمل. ومن نتائج مشاركة المرأة الفعالة في مختلف القطاعات، أن اقتصاد هذه البلدان ازدهر، وارتفع الناتج الداخلي الخام نتيجة لإشراك نصف المجتمع الذي كان مقصيًا من قبل بشكل جزئي.
أما في العالم العربي، فإن التفاوت الواضح في نسب تشغيل المرأة هو ما يطبع دول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أو ما يُعرف اختصارًا بمنطقة “مينا”. على سبيل المثال، بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة في المغرب حوالي 22% فقط في عام 2024، حيث تُعتبر أبرز القطاعات المشغلة للنساء هي التعليم والصناعة التقليدية (مع ضرورة الإشارة إلى وجود قطاع غير مُهيْكل كبير بالمغرب لا يشمله الإحصاء). وفي المقابل، في مصر، لا تتعدى هذه النسبة 18%، ويُعدّ قطاع الخدمات والصحة من القطاعات التي تشهد تواجدًا نسائيًا قويًا. أما في الجزائر، تنخفض هذه النسب أكثر، حيث لا تشكل النساء سوى 16% من القوى العاملة في البلاد. الاستثناء البارز في المنطقة يأتي من المملكة العربية السعودية، التي شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة بفضل الإصلاحات التي أدخلتها رؤية 2030، بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مما رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36% عام 2024. وبالإضافة إلى ذلك، تساهم النساء في الإمارات بشكل ملحوظ في القطاعات الحكومية والمالية، مما ساعد على تعزيز نسبة المشاركة النسائية إلى حوالي 29%.
التحديات التي تواجه الأمهات في سوق العمل:
رغم تزايد مشاركة النساء في سوق العمل، إلا أنهن ما زلن يواجهن العديد من التحديات:
- أولًا، التفاوت في الأجور بين الجنسين: لا تزال الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء واضحة في العديد من الدول، حيث تكسب النساء أقل بكثير من زملائِهن الرجال رغم تأدية نفس المهام.
- ثانيًا، التمييز في الترقيات: لن يكون الوصول إلى المناصب القيادية بسيطًا إذا كنتِ امرأة. وهذا الأمر ملاحظ حتى في الدول المتقدمة التي تشهد نسب مشاركة نسائية مرتفعة، حيث من النادر أن نرى امرأة تشغل منصب المدير العام أو القائدة.
- ثالثًا، ضغط العمل والتوقعات: في كثير من الأحيان، يتم التعامل مع المرأة على أنها أقل كفاءة من الرجل في بعض المجالات. وهذا يشعل نار التحدي لدى النساء لإثبات العكس وتحقيق النجاح في أدوارهن.
- رابعًا، القيود الثقافية والتقاليد: تواجه النساء في العالم العربي تحديات إضافية تتعلق بالقيود الاجتماعية والتقاليد التي قد تحد من حركتهن أو مشاركتهن الكاملة في سوق العمل، ويظهر هذا بوضوح في المناطق الريفية. مع ذلك، بدأنا نلاحظ تغيرًا ملحوظًا في هذا الجانب خلال السنوات الأخيرة.
- خامسًا، التحرش الجنسي في بيئات العمل: هذه مشكلة كبيرة تؤثر على راحة المرأة وقدرتها على العمل بشكل مهني. في بعض الدول العربية، القوانين التي تحمي النساء من التحرش الجنسي غير كافية، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا.
- أخيرًا، نقص خدمات رعاية الأطفال: يعد هذا من أكبر التحديات، حيث يوجد نقص كبير في الحضانات التي توفر خدمات رعاية الأطفال، خاصة خارج أوقات الدراسة. وهذا يصعّب على المرأة العاملة تحقيق التوازن بين الأمومة والعمل.
كيف توَفِّقُ المرأة بين العمل والبيت؟
تحقيق التوازن بين العمل والأمومة يعد تحديا يواجه الأمهات العاملات. فالمجتمع يتوقع منا أن نكون ربات بيوت مثاليات، ونحن نريد إثبات الذات والنجاح عمليا كذلك. ويبقى السؤال: كيف يمكننا كأمهات أن ننجح في الحفاظ على توازن بين التزامات العمل ومتطلبات الأسرة؟
لا تتوقعي مني اعطائك خلطة سحرية تحل كل مشاكلك، أو إجابات على المقاس، الأمر ليس بتلك السهولة بالتأكيد. لكن يمكنني مشاركتك بعض الحيل التي جربتها بنفسي، ومن شأنها أن تجعل المهمة أكثر سلاسة. بالنسبة لي، كأم وامرأة عاملة، ولِحسن حظي أن عملي حر وإبداعي ويمكن لي القيام به عن بعد من البيت. ورغم ذلك، كان إيجاد التوازن بين العمل والاسرة والاشغال المنزلية تحديًا مستمرًا. أحيانًا كنت اجد نفسي ممزقة بين متطلبات العمل، وضرورة الاعتناء بصِغاري والرغبة في قضاء وقت نوعي جيد مع أسرتي.
باختصار، سوف ألخص لكي نتيجة بحوث قمت بها في هذا الصدد لسنوات، وكتب تنمية ذاتية كثيرة قرأتها. الحل الأساسي الذي وجدته فعالًا هو التخطيط الجيد وإدارة الوقت. تنظيم أولوياتي باستخدام مصفوفة أيزنهاور كان الخطوة الأولى. قسمت المهام إلى:
- مهم وعاجل: يجب أن يُنجز فورًا. (موعد طبي طارئ لطفلك…)
- مهم وغير عاجل: يجب التخطيط له. (تعلم مهارات جديدة…)
- غير مهم وعاجل: يمكن تفويضه. (أشغال التنظيف بالبيت، أطلبي مساعدة الآخرين..)
- غير مهم وغير عاجل: يمكن تأجيله أو تقليله. (مشاهدة التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي…)
هذا ساعدني في تنظيم وقتي وتحديد الأوقات المخصصة للعمل والأسرة بشكل أفضل دون الشعور بالذنب. علاوة على ذلك، أدركت من خلال تجربتي الشخصية أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل هو جزء أساسي من النجاح. سواء كان الأمر يتعلق برعاية الأطفال أو إدارة المنزل، دعم العائلة والأصدقاء كان له دور كبير في مساعدتي على تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية. لكن دعونا لا ننسى أن التغيير يبدأ حين ندرك أن التوازن لا يعني المثالية في كل شيء، بل يعني القيام بما يكفي في كل جانب من جوانب حياتنا.
12 نصيحة ذهبية لتحقيق التوازن بين الأمومة والعمل
الآن، دعونا نغوص أكثر في النصائح العملية لتحقيق التوازن بين الامومة والعمل بطريقة فعّالة!
1. فن تنظيم الوقت: ضعي خطة يومية واضحة
تنظيم الوقت أساسي من أجل تحقيق التوازن بين الأمومة والعمل وهي مهارة يمكن اكتسابها شيئا فشيئا مع الممارسة. التخطيط الجيد لكل يوم أمر مهم، وذلك من خلال وضع جدول زمني واضح يساعدك على استغلال ساعات يومك بشكل فعال. قبل الخلود الى النوم او في الصباح بعد الاستيقاظ مباشرة قومي بتحديد الأولويات: ما هي الأشياء المهمة والتي لا يمكن تأجيلها؟ وما التي يمكن تأجيلها؟ قومي بتخصيص أوقات محددة للعمل وأوقات أخرى للأسرة، وحاولي قدر الإمكان الالتزام بهذا الجدول. التخطيط والالتزام بعادات ايجابية جيدة بشكل يومي، ليس فقط وسيلة لتحقيق النجاح المهني والاجتماعي، بل هو أيضًا طريقة لتخفيف الضغوط والشعور بالإنجاز.
2. كوني مرنة في التعامل مع التحديات اليومية
يكاد لا يمر يوم دون مفاجآت سواء في العمل أو المنزل، والمرونة في هذه الحالات هي سلاح سري أستخدمه كأم عاملة. على سبيل المثال، قد يمرض أحد الأطفال فجأة، أو تطرأ مشكلة في عمل. لذلك من الضروري التكيف والتعامل بمرونة مع مثل هذه المواقف. بالتالي عليك تعديل جدولك اليومي أو تغيير خططك عندما تقتضي الحاجة. كوني مستعدة لإعادة ترتيب أولوياتك في أي وقت. كوني مرنة لتخفيف الضغط على نفسك، وأيضا لأن المرونة تتيح لك الشعور بالسيطرة والقدرة على الموازنة بين التزامات العمل والحياة الأسرية بطريقة سلسة ومريحة.
3. حددي حدودًا واضحة بين وقت العمل ووقت العائلة
إن رسم حدود واضحة بين وقت العمل ووقت العائلة يعتبر من الحيل الذكية لضمان سعادة الأسرة. تعلّمي قول “لا” لبعض الالتزامات الاجتماعية (حضور عزومات غير مهمة، أو حفلات…) أو العمل الإضافي الذي قد يبدو مغريًا مادياً، ولكن قد يؤثر سلبًا على التوازن بين الحياة الأسرية والمهنية. من المهم أن تحترمي وقتك الخاص مع العائلة، لأن الحفاظ على وقت الأسرة يعزز من صحتك النفسية والجسدية، ويسهم في بناء علاقات قوية مع أطفالك وزوجك. تذكري دائمًا أن أولوياتك يجب أن تكون واضحة، وهي الحفاظ على اسرة متماسكة وناجحة، والنجاح والتطور المهني. وأنه لا يجب التضحية بالأسرة لصالح العمل، بالتنظيم الجيد والحدود الواضحة يمكن تحقيق النجاح في كلا الجانبين.
4. اطلبي المساعدة وشاركي المسؤوليات
تذكري أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل هو من الحيل الذكية لضمان سعادة زوجك وابنائك. بحيث، لا يمكنك القيام بكل شيء بمفردك (انت لست روبوتا – بل حتى الروبوت يحتاج راحة وصيانة )، لذلك لا تترددي في طلب الدعم من الأشخاص المحيطين بك. اطلبي من شريك حياتك المساعدة في سواء في الأعمال المنزلية أو رعاية الأطفال أو الاهتمام بأحد الجوانب، مثلا الدراسة والمراجعة مع الاطفال. كذلك، عليك إشراك أطفالك في بعض المهام المنزلية بما يتناسب مع أعمارهم، ترتيب الغرف وجمع اللعب والبقالة. مما يُخفف عنك الضغط ويعزز روح التعاون في المنزل.
وفي نفس السياق، إذا كانت ميزانيتك تسمح، فكري بجدية في توظيف جليسة أطفال أو الاستعانة بمقدمي خدمات الدعم مثل الروضات وحضانات الأطفال. بالمثل هناك حيلة اخرى وهي التسوق عبر الإنترنت واستخدام خدمات التوصيل وذلك بهدف استغلال وقت التسوق الفعلي الثمين مع صغارك وزوجك.
5. استغلي التكنولوجيا لتسهيل حياتك
نحن في عصر التكنولوجيا، والتكنولوجيا هي حليفك إذا تم استخدامها بذكاء! لكن لتفادي أكبر سلبياتها انا شخصيا قمت بتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهلك الوقت دون فائدة، مما ساهم بشكل كبير في زيادة إنتاجيتي، وسمح لي بتخصيص وقت أكثر لما هو مهم، وهو أسرتي وعملي. لتحقيق هذا الهدف استخدم تطبيقا رائعا يحضر وسائل التواصل الاجتماعي حسب اختياري، لوقت معين أقوم بتحديده مسبقا اسم التطبيق هو AppBlock.
من ناحية اخرى، يمكنك استخدام الأدوات الرقمية لتوفير الوقت والجهد وتحقيق التوازن بين الأمومة والعمل. انا شخصيا أستعين بتطبيقات الهاتف مثل تطبيق Habit لتنظيم مهامك بشكل عملي ومريح. بالإضافة إلى مكونات جوجل الإضافية بالحاسوب مثل: Google Calendar . هذه التطبيقات تساعدني كثيرا في الحياة الأسرية والمهنية بشكل عملي ومريح.
علاوة على ذلك، استغلال التكنولوجيا لا يتوقف عند تنظيم المهام فقط، بل فكري أيضًا في الاستفادة من خدمات التوصيل للتسوق والبقالة، مما يوفر لك وقتًا إضافيًا لقضائه مع العائلة أو التركيز على العمل. زيادة على ذلك، أنا أستغل التكنولوجيا لتعزيز تواصلي مع أسرتي حتى أثناء العمل، وذلك من خلال تطبيق WhatsApp الذي يمكنني من البقاء على اتصال دائم مع زوجي. هذا التواصل يساعدني في متابعة تفاصيل يومه ويعزز علاقتنا. بالإضافة إلى ذلك، أستفيد من تطبيقات الطهي مثل Yummly أو Tasty لإعداد الطعام بشكل مسبق، لا اكتفي بهذا بل أشاهد فيديوهات قنوات الطبخ على YouTube التي تقدم وصفات سهلة ومغذية يمكن تحضيرها مسبقًا وتخزينها في الفريزر، مما يوفر الوقت والجهد خلال أيام العمل المزدحمة.
6. احرصي على تخصيص وقت خاص بكِ
كأم عاملة، أتحمل أعباء ومسؤوليات مزدوجة بين العمل والمنزل، وفي فترة ما كنت أعاني بشكل كبير من استنزاف موَاردي من الوقت والطاقة. ومع مرور الوقت، ازداد التوتر وتحول إلى غضَب، مما أثر سلبًا على علاقتي بزوجي وأبنائي. بل أكثر من ذلك، تسرب هذا التوتر إلى العمل، حيث أصبحت أكثر عصبية وعدائية (الاعتراف بالذنب فضيلة ).
لهذا السبب، يا غاليَاتي من الأمهات العاملات، سواء كنتن موظفات أو تمارسن العمل الحر مثلي. أنصحُكن وبشدة من خلال تجربتي الشخصية أن تتذكرْن دائمًا أهمية تخصيص وقت للعناية بالذات. ففي نهاية المطاف، أنت إنسان ولست آلة، ومن الضروري أن تجدي وقتًا للراحة والاسترخاء. احرصي على ممارسة هواياتك المفضلة أو القيام بنشاطات مريحة.
وفي نفس السياق، وفقًا لدراسة نُشرت في Journal of Occupational Health Psychology، أثبتت الأبحاث أن الأمهات اللواتي تخصصن وقتًا للعناية بأنفسهن يتمتعن بصحة نفسية وجسدية أفضل، مما يساهم في تقليل التوتر بشكل كبير. وبالتالي، هذا التوازن ينعكس بشكل إيجابي على حياتكِ العائِلية والمهنية.
7. تجنبي المقارنة مع الآخرين
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، من السهل جدًا الوقوع في فخ المقارنة مع الآخرين. كنت، أتابع صورًا وفيديوهات لأمهات “مثاليات” يبدون وكأنهن نجحن في تحقيق المعادلة الصعبة وهي التوازن المثالي بين العمل والأمومة بسهولة تامة. وبدون وعي، بدأت أشعر بالضغط لأصبحَ مثلهُن. ولكن مع مرور الوقت، اتضح لي أن العديد من هذه “العائلات المثالية” يظهرون فقط الجانب الإيجابي من حياتهم، بينما يخفون الجوانب السلبية بعيدًا عن الأنظار.
الكثير من تلك القصص انتهت بالطلاق، والبعض الآخر كان يستغل أطفاله للحصول على المال من المنصات الاجتماعية بشكل مقزز. لذلك، تذكري دائمًا أن ما ترينه على الإنترنت ليس سوى جزء صغير من الواقع، ولا يعكس الظروف الحقيقية لتلك الأمهات والعائلات.
لذا، بدلاً من مقارنة نفسك بغيرك، ركزي على ما يناسب حياتك، أسرتك، وظروف عملك. لكل أم تحدياتها الخاصة. استمتعي برحلتك الشخصية في الأمومة، واعملي على تحقيق التوازن بطريقة منطقية ومناسبة لك. وتجنبِي الوقوع في فخ التوقعات غير الواقعية التي تضعها وسائل التواصل الاجتماعي. البساطة هي سر السعادة.
8. تذكري هدفك التوازن بين الأمومة والعمل
في خضم الضغوط اليومية، سواء في العمل أو في المنزل، من السهل أن تنسِي أهدافك الأساسية، التي جعلتك تخوضين مغامرة العمل والامومَة معًا. لذلك، عليك تذكير نفسك دائمًا بهذه الأهداف التي وضعتها لنفسك مسبقاً، سواء كانت مهنية أو عائلية أو مادية. هذه الأهداف هي البوصلة التي توجهك في مسيرتك، وتبقيك على الطريق والسكة الصحيحة. ومن الضروري الرجوع إليها باستمرار.
لتحقيق ذلك، أقوم بتخصيص وقت قصير لا يتعدى خمسة دقائق بعد الاستيقاظ كل صباح من اجل قراءة ومراجعة أهدافي. وقد سبق لي قراءة هذه التقنية التي أثبتت فعاليتها ونجاحها في كتاب: “معجزة الصباح” لهال إلرود. حيث تمنحك بداية مليئة بالوضوح والتحفيز. بالإضافة الى ذلك، قمت بكتابة أهدافي وطموحاتي في تطبيق Google Keep وحولتها إلى صورة خلفية لهاتفي، مما يسهل لي الاطلاع عليها من حين لآخر وتعديلها حسب الحاجة.
استخدمي هذه الأهداف كحافز للاستمرار والتقدم. عندما تشعرين بالتعب أو الإرهاق، من أجل تذكير نفسك لماذا بدأتِ في الأساس. سواء كان هدفك تحسين حياتك المهنية، توفير حياة أفضل لعائلتك، أو تحقيق التوازن بين الأمومة والعمل، اجعليها دائمًا نصب عينيك. هذا سيساعدك على مواجهة التحديات اليومية بروح قوية وإصرار على النجاح.
9. التواصل المفتوح والصادق مع الآخرين
التواصل الصادق هو مفتاح من مفاتيح تحقيق التوازن المثالي بين حياتك المهنية والشخصية. ومن الضروري أن تتواصلي بصدق مع كل من مديرك في العمل وأفراد أسرتك في المنزل زوجك وابنائك. فهذا من شأنه أن يسهم بشكل كبير في تسهيل فهم كل طرف لاحتياجاتك وظروفك.
أولاً، في العمل، عليك التحدث مع مديرك حول التحديات التي تواجهينها، فعندما يدرك مديرك متطلبات حياتك الشخصية، سيكون أكثر تفهماً ودعماً وأكثر مرونة معك. على سبيل المثال، وحسب وظيفتك يمكنه تعديل ساعات العمل أو إتاحة الفرصة للعمل عن بعد.
ثانيًا، في المنزل، اخرجي سحرك الأنثوي، وبكل لباقة وذكاء ودهاء وحب، تحدثي مع حب حياتك وشريك العمر وزوجك الغالي ❤️ “السي السيد”. وأخبريه بشأن مسؤولياتك وتعبك وانك تحتاجينه لينقذك 😉 . وبالتأكيد سيساعدك في مهامك المنزلية، ويسمح لك بتخصيص وقت أكبر لنفسك، بهدف التخفيف عليك من الضغط اليومي.
10. استثمري وقتك النوعي مع أطفالك
خلال مشاهدتي لأفلام هوليوود الأمريكية، التي تَطبعُها المِثالية و المُبالغة في بعض السيناريوهات التي تُظهِر الأم وهي عائدة لمنزلها بعد يوم طويل و شاق بالعمل. لتلبس بعد ذلك رداء البطلة الخارقة، وتبدأ فورًا في تعويض أطفالها عن الوقت الضائع بوقت نوعي. وفي اغلب الافلام تصور الأمهات وهن يقرأن قصص ما قبل النوم، ويلعبن مع صغارهن بمرح. وبعد ذلك، يأخذونهم في عطلة نهاية الأسبوع إلى حدائق الألعاب أو الملاعب الرياضية، وكأن كل شيء بهذه البساطة، وأن هذا هو الحل السحري لتعويض الساعات التي قضيناها بعيدًا.
بصراحة، لم أكن بعيدة عن هذا النموذج ( ! مما يعني انني نوعاً ما بطلةٌ خارقة ههه) فبعد أن أنهي عملي أو مهامي المنزلية، أحرص على تخصيص بعض الوقت لنفسي قدر الامكان. لكن الحقيقة هي أن أغلب الوقت المتبقي من يومي يذهب لصالح أطفالي. لأن الشوق يغمرني بمجرد أن أراهم، وأرغب في تعويضهم عن غيابي بطريقة أو بأخرى. سواء كان ذلك بقراءة قصة معًا أو اللعب، وأحاول في كل مرة أن أخلق لحظات نوعية لتقوية علاقتي بهم.
ربما نحن الأمهات العاملات لسنا أبطال أفلام، ولا نَظهر على شاشات السينما. لكننا بالفعل بطلات في حياتنا اليومية، حيث نحاول دائمًا أن نكون هناك بجانب صغارنا بأفضل طريقة ممكنة، في السراء كما في الضراء، سواء كانت تلك اللحظات قصيرة أم طويلة، المهم أنها مليئة بالحب والاهتمام. قبلاتي لكن ايتها البطلات 😉
11 جدول الأكل الأسبوعي لتوفير الوقت
لنكن واقعيين، إننا نعيش حياةً مزدحمة! لهذا اعتمدت منذ مدة على جدول الاكل الأسبوعي. ببساطة، قمت بكتابة جدول على “مايكروسوفت إكسيل” بمساعدة زوجي، يشمل كل المغذيات الأساسية: من البروتينات، إلى الكربوهيدرات، ثم الدهون الصحية. وحرصنا على تنويع الخضروات، واللحوم، والبقوليات. ويظل الجدول مرناً وقابلا للتغيير حسب الظروف (لأن الحياة مليئة بالمفاجآت، صح؟).
وبالتالي، أخصص جزءًا صغيرًا من عطلة نهاية الأسبوع للتسوق وتحضير الطعام. على سبيل المثال، أشتري أغلب الخضروات مقطعة ومقشرة جاهزة للطهي، مما يسهل الطبخ في باقي أيام الأسبوع. وإن لم تتوفر تلك الخضروات الجاهزة في السوق، فلا مشكلة! أستعين بامرأة أعرفها لتحضرها لي مسبقا (هذه نصيحة عملية جدًا).
من ناحية أخرى، وبالنسبة لطهي فأقوم بإعداد بعض الوجبات مسبقًا و أضَعُها في المبرد. لكي أستغل باقي ايام الاسبوع للحصول على بعض الوقت الثمين مع صغاري وزوجي. وهنا يأتي الدور الذهبي لزوجي العزيز، فهو لا يتردد في مساعدتي، ودائمًا ما يذكرني بما روته أمنا عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “...كان في مهنة أهله…”. وما قاله كذلك خير خلق الله ﷺ: “خيركم خيركم لأهله“. مشيرًا إلى أن مساعدة الزوجة من السنة النبوية الشريفة . بصراحة، هذا ما جعلني أحبه أكثر ❤️!
12 معجزة الصباح: الاستيقاظ من النوم مبكرا ساعدني كثيرا
قليلا ما أقرأ كتابا للتنمية الذاتية و يترك فيَ أثراً، لكن كتاب “معجزة الصباح” لهال إلرود مختلف تماما. ويعدّ دليلاً لمن يريدون استغلال ساعات الصباح بشكل أفضل. لتوضيح، يقدم الكاتب طريقة بسيطة تبدأ بالاستيقاظ ساعة قبل المعتاد، مع روتين منظم يشمل التأمل، التوكيدات، التخيل، القراءة، الكتابة، وتخطيط اليوم وأخيرا الرياضة.
وبما أنني كنت “كائنًا ليليًا” أحب السهر، قررت أن أجرب طريقته رغم أن الاستيقاظ المبكر كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لي في البداية. إلا إنني قمت بتعديل هذا الروتين بما يناسبني وما يناسب ثقافتي و ديني:
- الصلاة: بدل التأمل، أبدأ يومي بالصلاة والدعاء. هذه اللحظات تمدني بالهدوء والطمأنينة.
- الدعاء والتوكيدات: الكاتب يشجع على التأكيدات، لكنني عوضتها بالدعاء الصادق لله لتحقيق أهدافي.
- القراءة: غالبا أقرأ القرآن أو بضع صفحات من أي كتاب في مكتبة البيت.
- التخطيط: بعد ذلك، أتخيل يومي بكل جزئياته وبناءً على ذلك، أقوم بالتخطيط اليومي بشكل عملي ومنطقي.
- الرياضة: بعد اعداد الافطار، وقبل استيقاظ الأطفال. أخصص بضع دقائق للحركات الرياضية الخفيفة، أحيانًا يوغا بسيطة أو تمارين تمدد لزيادة نشاطي ومرونتي.
هذا الروتين، رغم بساطته، أحدث فرقًا كبيرًا في حياتي. فقد أعطاني شعورًا بالسيطرة على يومي، وجعلني أكثر إنتاجية وتوازنًا بين مسؤولياتي.
خاتمة: لا تنسي نفسك وسط دوامة الأمومة والعمل
لا تستغربي يا عزيزتي إذا استخدمت تعبير “الاحتراق الوظيفي” في سياق الأمومة، لأنني كما ذكرت سابقًا، الأمومة هي بالفعل وظيفة بدوام كامل. ولهذا السبب، من الضروري أن تمنحي نفسك بعض الوقت للعناية بنفسك، جسديًا ونفسيًا. إضافة إلى ذلك، استغلي كل لحظة ثمينة مع زوجك وأطفالك لتعزيز الروابط الأسرية.
والأهم من ذلك، أن الأم التي تنجح في تحقيق التوازن بين عملها ودورها كأم وزوجة هي حقًا بطلة حقيقية. فهي لا تضحي بوقتها فقط، بل بصحتها أيضًا، لتسعد أسرتها وتعيش شعور الإنجاز والرضا.
وفي الختام، لا تنسي أن الأم المثالية ليست من تقوم بكل شيء بمفردها، بل تلك التي تعرف متى تستريح، ومتى تستمتع بحياتها لتحقيق التوازن الأمثل!
انتظر افكاركم في التعليقات: كيف تحققين التوازن المنشود بين عملك و دورك كأم؟؟؟